آخر المقالات
أهم الإعدادات

نحو نظرية فلسفية في الحجاج – شاييم بيرلمان

 ترجمة: أنوار طاهر

تُعرف نظرية الحجاج l’argumentation بكونها نظرية تُعنى بدراسة التقنيات الخطابية techniques discursives التي تهدف إلى حث عقول ألمُخاطَبين أو إلى رفع نسبة تأييدهم adhésion الى القضايا المطروحة للنقاش في سبيل الوصول إلى أتفاق عام. وبكونها نظرية تعمل على فحص واختبار الشروط التي تساعد على بدء الحجاج وتطويره، والآثار الناتجة عنه أيضا. وهو تعريف يدعونا إلى التفكير مباشرة في البلاغة القديمة l’ancienne rhétorique التي سآتي على معالجتها بحذر عالم المنطق رغم ما يفرضه عليّ هذا الأمر من الاختزال والتوسع في البحث على حد سواء.

في الواقع، أنا من المهتمين بمختلف أشكال الحجاج بمقدار ما تمثله من عناصر حجة ودليلpreuve   تساهم في حث المخاطَب على التثبت [العقلاني؛ المنطقي] convaincre من القضية المطروحة في الجدال، ومن ثمة، إلى إقناعه persuader [استنادا إلى منطق الحجاج البلاغي الذي يضع المخاطَب وسياقاته الثقافية وجميع حالاته الذهنية والانفعالية والعاطفية بالاعتبار]. من هنا، سوف لن أولي تلك الأهمية المعطاة لقضية عرض تلك الحجج بصورة شفوية كانت أم كتابية، الأمر الذي سيجعلني لن أوجه نظري كليا صوب كل ما يتعلق بالفعل الخطابي للمتكلم oratoire.
أضف إلى ذلك، أني لست من المهتمين بوجه خاص بالخطب الموجهة علناً إلى جمهورauditoire  محتشد -كما هو الحال في البلاغة الكلاسيكية- في ساحة التجمع العامة “أجورا” agora [هي مركز الحياة السياسية والفكرية والفلسفية والروحية في أثينا، حيث يتبادل فيها الجميع الآراء حول المشاكل والقضايا المشتركة، دون تمييز نخبوي بين العامي والسياسي والفيلسوف] أو في منتدى التجمع العام الروماني forum [وهو مكان يقابل نفس الوظيفة لساحة أجورا عند الاثنيين]، بل سأتوسع في نطاق أبحاثي حول نظرية الحجاج، ليشمل جميع أشكال الجمهور التي يمكن ان نتصورها، وبصورة أكثر تحديدا، لدراسة عملية النقاش مع مُخاطَب واحد حتى لو كان ذلك النقاش يجري أثناء عملية التفكير الذاتية الأكثر خصوصية حيث نقوم بفحص منافعه وعواقبه في قرارة أعماقنا،. في هذه الحالة الأخيرة، حيث نلاحظ ان الأمر يتعلق باختبار قيمة الفرضية المطروحة للنقاش، وبأجراء مقارنة بين النتائج التي نصل إليها من خلال استنتاجنا للواحدة منها بواسطة الأخرى، أو بأجراء مقارنة بين هذه النتائج مع فرضيات أخرى، وذلك بُغية النظر في أيٍ من تلك الإجراءات يمكن أن يتم تعزيز تلك النتائج أو إنكارها. يمكننا ان نجد لهذه العملية مماثلا في مفهوم الجدل السقراطي  dialectique socratique بوصفه جزء من نظرية بأكملها، جرى وضع أسسها في كتاب الفيلسوف اليوناني أرسطو “الطوبيقا Topiques”، وتمّ تعريفها بأنها فن طرح السؤال والجواب على حد سواء، وتوجيه النقد ودحضه في آن واحد.
لاحظوا هنا، أن ذلك الفن من التحاجج والذي عمل الفلاسفة السوفسطائيون جورجياس وبروتوجوراس وكذلك زينون الايلي على تطوير أدواته، يتعلق على الدوام بمفهوم التأييد لقضايا إنسانية قيّمية وأخلاقية وسياسية تقع محل تجاذب ومقارنة، حيث نسعى إلى إقناع المخاطَب بصدقها من عدمه باستخدام مختلف أنواع الحجاج، والى أن نعرض للأسباب المؤيدة والمعارضة للقضية المطروحة، وذلك بهدف التأثير  في نهاية المطاف على الفرد وتفعيل قدراته الذهنية والعقلية بأسرها. فأحد أهم خصائص الخطابات الموجهة للجمهور هي قدرتها في ان تشكل دافعا يحث ألامكانيات الفردية لكل واحد منهم كي تتمكن من التحول إلى مرحلة إنتاج الفعل والتوفر على عناصر الاستعداد المسبّقprédisposé  لكل عمل actionمحتمل الوقوع. نتيجة لذلك، لا يمكننا ألفصل في حقل الحجاج بين العقل والإرادة؛ أو بين النظرية والتطبيق.
إن بنية موروث تاريخ الصراع منذ سقراط وأفلاطون لذلك الخطاب الحجاجي السوفسطائي المتعلق في البحث عن تأييد المخَاطب وحثه على الفعل، وكذلك مع مفهوم جورجياس في السايكاكوجي psychagogie ***، شكلت مقدمة لجينالوجيا السلطة المتطابقة مع خطابات الوعاظ والدهماء؛ وتقويضا لميتافيزيقا الحقيقة التي تعتبر مطمح كل فيلسوف. فكما هو معروف، ان الفيلسوف لا يعير أهمية لرأي opinion العامة ولا يهتم بالكيفية التي يتحقق بواسطتها إقناع وكسب تأييد الحشد البسيط والجاهل foule ignorante، بل يسعى إلى الوصول إلى مفهوم الحقيقة vérité  لغرض التهيئة والإعداد لمعرفة مطلقة غير نافدة الصلاحية. وهذه هي بالضبط الثيمة المركزية التي عرضها افلاطون في محاورته “جورجياس”.
ومما لا شك فيه، أنه لم يكن كافيا بالنسبة لأفلاطون معرفة الحقيقة، وإنما يجب أيضا ان تكون حقيقة متداولة وينبغي على الحشد الاعتراف والإقرار بشرعيتها. ومن اجل تحقيق هذا الغاية، كان لابد من اللجوء الى البلاغة rhétorique، وتوظيفها بالطريقة المناسبة كي تكون -مثلما قال أفلاطون في محاورة “فيدروس”- بلاغة جديرة بالآلهة أنفسهم(1). لكن، المهمة الرئيسية للفيلسوف تقتضي منه التأسيس établissement لمفهوم الحقيقة، أما مسألة التواصل communication وتشكيل حقائق تداولية، فعلى قدر ما تحمله من أهمية ذات طابع اجتماعي، إلا إنها تظل مسألة غريبة على الفلسفة. وهنا، علينا ان نتساءل: هل يمكن الفصل بين الفلسفة والحجاج؟ في الوقت الذي يكون فيه البحث عن الحقيقة هو الغاية الحتمية في الفلسفة، ومرتبط ارتباط وثيق ومتلازم بالجدال controverse، لدرجة يصعب معها استبعاد الحجاج ؟
في مقالته المتميزة (البلاغة، الجدل والمطلب الاول Rhétorique, Dialectique, et Exigence première) المنشورة في العدد المخصص لنظرية الحجاج(2)، يعلن البروفسور في كلية الآداب-بوردو، الفيلسوف الفرنسي جوزيف مورو J. Moreau ، وبوضوح ان أفلاطون كان على إدراك تام بأننا لا نتناقش في مسائل يمكن حلها بطريقة موضوعية بفضل عمليات رياضية غير قابلة للجدال:
إذا اختلفنا في الرأي أنا وأنت، يقول سقراط لاوطيفرون Euthyphron، حول عدد الأغراض الموجودة في سلة؛ أو طول قطعة قماش أو حول وزن كيس قمح، فلن يصل الحال بنا إلى حد التخاصم من اجل ذلك السبب أو إلى فتح باب النقاش. بل يكفينا ان نقوم بإحصاء الأشياء وقياسها أو وزنها، لينتهي مثل هذا الخلاف الذي لن يدوم ولن تتصاعد حدته إلا عندما نفتقر إلى وجود مثل تلك العمليات procédés في القياس، ومثل تلك المعايير critères  الموضوعية، وهذا ما يكون عليه الحال -يحدد سقراط- عندما نختلف حول مفاهيم العدل والظلم؛ الجمال والقبح؛ الخير والشر، وبكلمة واحدة حول موضوع القيّم valeurs (Platon: Euthyphron, 7 d ). لكن لو أردنا ان نتجنب، في مثل هذه الحالات، ان يتحول الخلاف إلى نزاع قد لا يحل إلا بوسيلة العنف، فليس هناك من طريقة أخرى سوى اللجوء إلى نقاش عقلاني. ويبدو هنا ان الجدل dialectique، الذي يُعرّف بأنه فن النقاش  discussion، هو المنهج الملائم في حل المشاكل العملية التي تتعلق بغايات الفعل الإنساني والقيّم الأخلاقية. نتيجة لذلك، كان يولي أفلاطون لذلك المنهج تقييما كبيرا، فكان المنهج المعتمد استعماله في المحاورات السقراطية لغرض فحص مثل ذلك النوع من المسائل)) (3).
لكن، إذا كانت المسائل الفلسفية هي تلك التي تتعلق تحديدا بالقيّم، ومن ثمة، هي من المسائل النسبية التي يتعذر معها العثور على وسيلة للتخلص نهائيا من الجدال والنقاش، لتتوفر بالضرورة على شروط البحث عن حقائق صادقة تماما وغير قابلة للطعن أو الاعتراض. لهذا، شهد العصر الكلاسيكي صراعات كبيرة في الاختصاص والكفاءة compétence بين الفلاسفة وعلماء البلاغة سيما في مبحث القيم وقواعد الاخلاق. إذ ان مساعي الفلاسفة في إلزام الحشد بالاعتراف بالحقائق المطلقة والإقرار بشرعيتها، جعلتهم مرغمين على الاستعانة بالتقنيات التي جرى تطويرها من قبل علماء البلاغة والتي تشتمل على كل من: الجدل والبلاغة، أي الحجاج.
لذلك، حصلت عملية متكاملة لإفراغ الجدل والبلاغة من كل قيمة قابلة للفحص والاختبار probatoire وتحويلهما إلى مجرد تقنيات بيداغوجية؛ سايكولوجية أو ادبية لغرض تعزيز التأييد والموافقة على حقائق راسخة بواسطة عمليات ومناهج قطعية، خدمة لمصالح رؤى دوغمائية أو علمية. فمن المعروف مثلا، ان وظيفة تقنيات الجدل والبلاغة بالنسبة لأصحاب وجهة النظر الدينية، ليست في تثبيت الحقائق الغيبية المطلقة عند المؤمنين، وإنما في العمل على حفرها ونقشها في عقولهم من اجل ان تكون حاضرة وراسخة في وعيهم ومطبوعة بوصفها اتجاه في سلوكهم. لهذا السبب لم تتعرض قيمة تلك الحقائق للمساءلة والدحض إطلاقا حتى نهاية القرن السادس عشر.
لكن، ما ان تبددت وحدة العالم المسيحي مع ولادة حركة الاصلاح [الديني البروتستانتي التي انطلقت من المانيا عام 1517 بزعامة مارتن لوثر ]، سيما بعد الحروب الدينية الطاحنة في المدن والضواحي الاوروبية والتي دامت نحو قرن، حتى اخذت تطلعات ثقافية جديدة في الانتشار بين الاوساط المتعلمة، أملا في بناء نظام جديد مؤسس على العقل؛ ومعترف بشرعيته من قبل جميع الافراد بمعزل عن انتماءاتهم الدينية المختلفة. ويقدم لنا هذا الطموح العام، تفسيرا واضحا للمكانة الباهرة التي مُنحت للفلسفة في القرنيين السابع عشر والثامن عشر.
وبعد ان بزغت الفكرة واتسع مداها واهميتها في القارة الاوروبية وفي بريطانيا العظمى، استلهم الفلاسفة من المناهج التي حققت نجاحا كبيرا في علوم الهندسة والفيزياء والفلك، وذلك من اجل اقامة نظام مطلق، بدا للجميع انه لا يمكن ان يرقى إليه الشك ايضا. وهنا يقع بالضبط طموح الفيلسوف رينيه ديكارت R. Descartes مثل اغلب المعاصرين له وأتباعه اللاحقين.
فلم يعد هناك ثمة حاجة إلى ان تتعارض أو إلى ان تتصادم الآراء بعضها بالبعض الآخر، أو إلى ان يلجا المتحاورون إلى ارغام خصومهم على الصمت بقوة السلاح، نتيجة لعدم توفرهم على ادلة مقنعة. لأننا استطعنا وفي حقول معينة، خاصة في علم الرياضيات، الوصول إلى تحقيق توافق واجماع unanimité بين العلماء بواسطة براهين غير قابلة للدحض، هذا من جهة ومن جهة أخرى، لما كان عند الاله الحل الامثل لجميع المشاكل الانسانية، لماذا اذن لا نوسع نطاق الفلسفة ليشمل تلك المناهج التي نجحت إلى حد بعيد في العلوم الاستنباطيةdéductives ؟ اذ يكفي العثور على القواعد التي ترشد وتوجه العقل الإنساني، انطلاقا من مناهج التحليل الرياضية، وتطبيقها بعناية في حل المشاكل الفلسفية. من هذا المنطلق، اقترح ديكارت ازالة ارضية الرمال المتحركة لمفهوم الرأي واعادة البناء على أساس صخري صلب للحدوس intuitions المعصومة عن الخطأ، والتي ستشكل قاعدة لنظام العالم الجديد، تعلوها في القمة معايير العقلانية في القيّم الاخلاقية والدينية.
رغم انه لا يمكن لأحد إنكار مدى أهمية هذا المشروع الفكري، ومن انه كان استكمالا لسلسلة الأنظمة الفلسفية العقلانية في مفهوم الحق الطبيعي، استند بأكمله على البحث عن مبدأ الوضوح بذاته évidence الذي أصبح خاصية -أي هذا المبدأ- تميز الحدس العقلاني لدى الفلاسفة الديكارتيين؛ والحدس الحسي لدى الفلاسفة التجريبيين empiristes. إلا انه جاء بنتائج وخيمة أدت إلى تمأسس معيار الوضوح من جانب، واستبعاد الحجاج بوصفه تقنية للاستدلال الفلسفي من جانب آخر(4).
من هنا، أصبح من الصعب إدراك مفهوم الوضوح بوصفه خاصية محض سايكولوجية، وجرى النظر اليه باعتباره قوة force  تفرض حضورها وحقيقتها على كل كائن عاقل. فالقضية الواضحة تكون بالضرورة قضية صادقة وقابلة للتمييز reconnaissable مباشرة على انها كذلك. لهذا، لا تحتاج مثل هذا النوع من القضايا إلى البرهان على صدقها، لان المنهج البرهاني ليس إلا استنباط ضروري لقضية غير واضحة بذاته لكونها لم تنطلق من مسلمات بديهية قبلية.
في مثل هكذا نظام إذن، لا مكان للحجاج الذي يتعلق بكل ما يبدو صحيحا vraisemblable وما يبدو مقبولا plausible أيضا، أي بكل ما لا ينبغي منحه أي مصداقية من حيث المبدأ والمنهج، سيما عندما يتعلق  الامر بالمسائل العلمية. إذ يجب علينا ان نستبعد عن العلم كل ما يدعو إلى الشك doute، كما يقول ديكارت. من هنا جاءت القاعدة الثانية التي نجدها في مؤلفه (قواعد لتوجيه العقل règles pour la direction de l’esprit): ((في كل مرة يحمل فيها احداً (من العلماء) رأياً مختلفاً عن الآخر حول موضوع بعينه، فمن المؤكد ان واحدا منهما على خطأ،ومن ثمة، لا يمتلك أي منهما ناصية العلم على ما يبدو، وذلك لانه لو كانت قضايا احدهما مؤكدة وواضحة، كان في امكانه، اذن، عرضها بالطريقة التي ينتهي بها في نهاية المطاف إلى إقناع الآخر (5) )).
هذا القول، الذي ينطبق على العلوم الرياضية، يمكن له ان يصبح قاعدة لمنهج كوني universelle في حال توفر فرضية -فيها من المجازفة الكثير والتي لم يستطع ديكارت نفسه تقديمها على انها تحمل مبدأ الوضوح بذاته-  تشير إلى ان القضية الرياضية يمكن ان تصلح ان تكون أنموذجا في حل كل المشاكل. واليكم كيف عرض ديكارت لتلك الفرضية في الجزء الثاني من مؤلفه “خطاب المنهج Discours de la Méthode”:
لقد منحتني هذه السلاسل الطويلة من القضايا البسيطة والسهلة، والتي اعتاد علماء الهندسة على استعمالها من اجل الوصول إلى اعقد براهينهم، الفرصة الجيدة في تخيل ان كل الأشياء التي تقع ضمن اطار المعرفة البشرية هي اشياء متعاقبة بنفس الطريقة، شرط ان نتوقف عن ادراك أي منها على انه حقيقي وصادق وهو على خلاف ذلك، وان نحافظ دائما على النظام الضروري من اجل استنباط بعضها من البعض الآخر، كي لا يتبقى هناك شيء منها بعيد عن ادراكنا له، إلى الحد الذي يصعب معه الوصول إليه، ولا بشيء كامن وخفي جدا لدرجة اننا لا نستطيع اكتشافه (6.
ولان ديكارت كان على علم بأن هذا الامر يستغرق وقتا طويلا، لم يستطع ادراجه في نظامه الفلسفي دون ان يكون متوفرا على علم في الأخلاق الآنية morale provisoire والذي عرضه لنا في الجزء الثالث من مؤلفه “خطاب المنهج”. وهنا، سوف لن يوجد أي مجال للنقاش – كما يقول ديكارت- حول ضرورة ان اضع كل شيء موضع الشك والبدء من منطقة الصفر، لانه من غير الممكن ان اسمح لنفسي ان ابقى غير حاسم في افعالي مع ان العقل يقتضي مني ان اكون كذلك في اصدار احكامي jugements (7).
وهذا هو السبب في ان القاعدة الاولى من علم الاخلاق الآنية كانت تتمثل في: ((الانصياع لقوانين ولاعراف بلادي، وان احفظ ديني الذي نشأت وترعرت عليه منذ طفولتي، وان امتثل للآراء الأكثر اعتدالا في كل الامور)). اما المبدأ الثاني فيرى ديكارت أنه  يتطلب: ((ان اكون اكثر حزما وتصميما في افعالي قدر ما استطيع، وان لا اتبع كثيرا الآراء المشكوك في صدقها والتي ما ان اكون مُصرا على تأييدها حتى تصبح آراء مؤكدة تماما))  وهذا يعود لسبب بديهي للغاية وهو  (( ان الافعال الإنسانية في الحياة لا تحتمل أي تأخير. ولتلك الحقيقة الراسخة التي تشير إلى اننا عندما لا نكون قادرين على تمييز الآراء الأكثر صدقا، ينبغي علينا ان نتبع تلك التي تكون الاكثر احتمالا في الصدق. وكذلك، كلما لم يكن في استطاعتنا ان نلاحظ ما هو احتمالي في الواحد منها دون الآخر، يجب علينا مع ذلك التصميم والثبات على بعض منها والنظر اليها بعد ذلك ليس بوصفها آراء مشكوك في صدقها بقدر ما كانت على صلة بما هو عملي، وانما بكونها آراء صادقة ويقينية تماما وذلك لان العقل، الذي يحملنا على التصميم على مثل تلك الآراء، هو حامل لنفس تلك الصفات من الصدق واليقين(8) )).
عندما يتعلق الامر  بما هو عملي وليس بما هو علمي، يدرك ديكارت الضرورة الملحة التي يفرضها الفعل ويُسلّم بضرورة قبول مبدأ عدم الشك بالقواعد التقليدية règles traditionnelles ولا بالآراء الاحتمالية opinions probables لان هذه الأخيرة، إن اعتقد ديكارت انه تمكن من استبعادها من العلم، فأنه لم يكن بأمكانه الاستغناء عنها في الحياة. علاوة على ذلك، كان ينبغي عليه الاستعانة بالحجاج لغرض اقناع غير المتفلسف non-philosophe بفكره وبفلسفته. إذ انشغل ديكارت في البحث عن السبب الذي يلزم غير المتفلسف ان يحكم  على كل ما لا يبدو صحيحا vraisemblable على انه خاطئا، وكيف يمكن ان نجعله يسلم بعقلانية عبارة proposition معينة رغم كونها ليست على درجة من المعقولية المنطقية raisonnable (9)؟ من اجل تحقيق هذه الغاية، جاءت فرضية ديكارت في العبقري الماكر  malin génie ليتمكن من خلاله من تطهير العقل من كل ما لا يفترض صحته وفق مبدأ الوضوح بذاته.
لكن، ما هي الرؤية الخاصة بالانسان وبالعالم تلك التي تضمن لمبدأ الحدس الواضح بذاته ان يحمل قيمة ذلك المعيار  الاقصى في المعرفة؟ فلا يكفي القول ان ذلك المبدأ هو معطى سايكولوجي محض. لان في كل لحظة من لحظات التفكير الانساني، هناك ثمة مسلمات وبديهيات غير قابلة للدحض، وغير قابل الشك فيها. ولان مبدأ الحدس الواضح بذاته يمثل ضمان الصدق المطلق لحقيقة الاشياء، فهذا ما يحول بالطبع دون الجزم في ان مبدأ الوضوح بذاته هو معطى سايكولوجي محض. لان هناك بديهيات نسبية relatives ومتغيرة في الواقع، يمكن لها ان تكون مضللة أيضا.
وهناك مسألة معروفة للغاية. حيث كان المثال الكلاسيكي عن مبدأ الوضوح الجليّ وعلى مدار قرون هو التأكيد على مبدأ ان الكل اكبر  بكثير من كل واحد من اجزائه. لكن، ما ان نحاول البرهنة بطريقة بسيطة للغاية حتى نص إلى اثبات ان تلك المُسَلَّمة ليست صائبة بالنسبة لمجموعات لامتناهية. ففي الواقع، ان سلسلة الاعداد الزوجية والتي هي ليست إلا جزء من سلسلة الاعداد الرياضية الصحيحة،  لا يمكن ان تكون اصغر  من هذه السلسلة الأخيرة، وذلك لان كل عدد صحيح يمكن له ان يتطابق مع ضعفه ليكون عددا زوجيا. وعليه، يوجد العديد من الاعداد الزوجية بالقدر نفسه الذي للاعداد الصحيحة تماما. اذن، من اين جاء هذا الخطأ الفادح؟ هل من الزعم القائل ان العبارة الاثباتية التي تسري صلاحيتها على مجموعات محدودة، تعتبر بالضرورة سارية الصلاحية على جميع المجموعات؟
ان خطأ ديكارت إنما كان يكمن في اعتقاده بوجود مبادئ notions واضحة ومتميزة تؤدي الروابط فيما بينها بالضرورة الى الوصول إلى مسلمات بديهية، وبأنه يمكننا إدراك تلك المبادئ بفضل حدس معصوم من الخطأ للجواهر البسيطة، وبالتالي، بمن يكون احتمال وقوع الخطأ معه مستحيلا. لكن ذلك الزعم بأدراك خاصية البساطة في جواهر الاشياء وتمييزه على نحو تام وبمعزل عن السياق والعلاقات مع الأشياء الأخرى، هو زعم يتطابق مع رؤية تجزيئية atomisée للواقع، وغير كاف على حد سواء. فأذا كانت مبادئ مثل الخط المستقيم أو المجال لا يحملان نفس المعنى في علم الهندسة عند عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان B. Riemann مثلما هو الحال عليه لدى عالم الرياضيات اليوناني اقليدس Euclide. فكيف اذن لا تكون مبادئ رئيسية في القانون وقواعد الاخلاق morale والفلسفة والمتعلقة بسياقات ثقافية وتاريخية متحولة بطريقة لا يمكن التنبوء بها، حاملة لمعانٍ غير متوافقة تماما مع طبيعة الجواهر البسيطة ولا مع مركب احادي من تلك الطبائع.
ان النظريات الحديثة حول اللغة التي عملت على دراسة اللغات الطبيعية والصُنعية artificiels، جعلتنا نعتقد ان الغاية من استعمال التقنيات الرياضية في اللغات الشكلانية formalisés هو القضاء على كل ما قد يلحق بهذه اللغات من شك والتباس. وبدلا من ان تزودنا بأنموذج قابل للتطبيق كونيا application universelle، اكتفت بمعالجة حالات استثنائية يكون فيها النظام الشكلي formel إما معزول عن السياق contexte  وإما قابل للتطبيق على سياق محدود تماما، ليكون بمأمن من كل ما هو غير متوقع في تأويله أو في تطبيقه.
في الواقع، عندما يكون التطبيق لمبدأ معين غير مختزل في  البعد الصُنعي -كما هو الحال عليه في علوم القانون وقواعد الاخلاق أو حتى في الفلسفة- عندها لابد وان يشكل وضوح ذلك المبدأ قيمة افتراضية تخضع للاختبار مع كل ظرف طارئ جديد في التطبيق. فعادة ما ندرك في مثل هذه الشروط، ان البحث في وضوح مبدأ أو صيغة قانون معينة، لا يعني بالضرورة وصف خاصية موضوعية objectif للاشياء، بقدر ما يعبر عن الاستجابة لنقص في الخبرة expérience أو لقصور في ملكة الخيال imagination. وقد جاء الفيلسوف الانجليزي جون لوك John Locke على وصف هذه الفكرة نفسها في مؤلفه (مقال في الفهم الإنساني Essai sur l’entendement humain )، حيث يقول: ((هناك الكثير من الناس من يخالجه الاعتقاد منذ القراءة الاولى له، انه استطاع فهم comprendre ذلك النص من الكتاب المقدس أو تلك الفقرة من انظمة القوانين. لكن، سرعان ما يدرك انه فقد قدرته على الفهم، بعد الاطلاع بتفحص على تعليقات الشرَّاح حيث تزيد توضيحاتهم من شكوكه أو تفسح المجال لاخرى غيرها ليسقط النص في لجَّة من الغموض (10))).
من هنا يمكننا القول، ان الرؤية الديكارتية للكون تتسم بكونها ليست إلا رؤية تجزيئية وميكانيكية، زودتنا في كثير من الاحيان بمفهوم عن العلم لا يتطور إلا بطريقة كمية quantative محضة، وذلك بواسطة رفع نسبة عدد الحقائق البديهية دون ان يستلزم ذلك وضع أي منها في موضع السؤال. فلا يمكن ان تلتقي الرؤية العلمية مع التقليد tradition أو مع التعلم الاساسي initiation الا انطلاقا من الافكار الفطرية innées المتضمنة عليها الملكة العقلية لكل منهما. فالعقل raison لا يمكن ان يكون متشكلا être formée، والتعليم éducation لا يزيد العقل الا جهلا وظلاما وذلك بترسيخه الاحكام المسبقة في عقول الاطفال، تلك الاحكام التي لا يمكنهم التخلص منها الا بصعوبة بالغة. لذلك اتصفت المعرفة العلمية بالخاصيتين اللااجتماعية asocial واللاتاريخية anhistorique. إلى الدرجة التي وصل الحال معها إلى اعتبار كل مسألة تحمل في اصولها طابعا اجتماعيا أو تاريخيا على انها حكم مسبق préjugé أو خطأ erreur يستلزم بالضرورة ان يتحرر رجل العلم منهما بواسطة تطبيقه لمبدأ الشك. فالشكل الوحيد من التربية العلمية الموصى بها هي تلك التي تتمثل في عملية تطهير purgation  الروح من كل ما جرى تعليمها اياه قبل ان تحتك بفلسفة الوضوح بذاته.
ان تلك الفكرة الديكارتية المتأسسة على مفهوم الحدس تفترض من الناحية المنهجية اجراء فصل بين ما هو نظري؛ وما هو عملي، لان حاجة النظرية إلى الجانب العملي لغرض الاعداد والتهيئة ومراقبة عملية انجاز طروحاتها الخاصة، لا يقتضي ابدا ان تكون صلاحيتها مؤكدة كليا. بل على العكس من ذلك، ستتحول النظرية إلى فرضية تخضع قيمتها إلى المعالجة والتطويرélaboration  والمراقبةcontrôle  للآثار الناجمة عنها. في حين ان الفصل بينهما، سيؤدي إلى استقلال النظرية، ليقابل معناها الجذر الاشتقاقي القديم لكلمة θεωρία والتي تشير إلى الحدس والى التأملcontemplation . ومن اجل ان تكون النظرية قادرة على انتاج معرفة قطعية انطلاقا من مجموعة الحدوس المتضمنة عليها، ينبغي ان تكون اللغة التي تستعملها في التعبير عن طروحاتها، متطابقة أيضا وبشكل متكامل مع جوهر essence  الأشياء المدركة حدسيا.
ان تعارض المنهج الديكارتي مع أي شكل من أشكال التعددية المنهجية méthodologique، انما كان يبتغي استبعاد كل ما يُحمل محملا فرديا؛ ذاتيا؛ اجتماعيا أو تاريخيا، أي بكلمة واحدة، ما هو عرضي contingent  في المعرفة الإنسانية، وذلك في سبيل ايجاد استعمال ساري الصلاحية كونيا لذلك العقل الإنساني المشترك، والذي هو في الوقت نفسه ليس إلا انعكاسا ناقصا للعقل الالهي. وبينما تتمثل المهمة التي تقع على عاتق رجل العلم في ان يتخلص من ارضية الرمال المتحركة للآراء الإنسانية ليصل إلى المعرفة الحقة والراسخة بقوة كقوة الصخر. ينبغي ان تنشغل الابستمولوجيا épistémologie بأزالة جميع العقبات التي تحول دون الوصول إلى المعرفة الكاملة والتامة والمتشكلة مسبقا préconstitué، والتي تنكشف في لحظة رفع الحجب الزائفة للاحكام المسبقة. واذا اراد الفيلسوف لعمله ان يكون جادا ورصينا، فيجب عليه ان يتعقب دون هوادة جميع اسباب الخطأ. وبعد ان تتحرر روح ذلك الفيلسوف من الآراء النسبية والاحكام الجاهزة، ستتبدى المعرفة الحقيقية لعقله كسطوع الشمس من بين سُحُب قادتها الرياح بعيدا.
وبهذه الطريقة، لا يمكن ان يكون العلم ابتكار  انساني منجز بفضل الخيال الخصب لكبار عباقرة الإنسانية، ومتوارث من جيل إلى آخر  بوصفه عمل انساني غير  تام وقابل للاصلاح والتطوير في زمن ليس بالقصير وبصعوبة بالغة بفضل دعم المجتمع العلمي برمته. وانما هو مجرد علم معطى ولدفعة واحدة بشكل تام ومطلق للعقول التي سطع فيها نور العقل الالهي. وبدل من ان يُنظر الى المفاهيم والمقولات وجميع المصطلحات العلمية على انها ادوات تستند عليها النظريات والتصنيفات التي يجري فيها توظيف وتطوير تلك الادوات ذاتها، تصبح محض جواهر ابدية يدركها الحدس البديهي بطريقة قاطعة. ان المنهج الديكارتي يفترض مسبقا وجود علم كامل في العقل الالهي، والمنهج السليم هو من سيسمح في الوصول إلى ذلك العلم الكامل من خلال الارتقاء من الجوهر البسيط إلى المعقد؛ من وضوح إلى آخر ومن يقين إلى آخر.
ان المماثلة بين ما هو عقلاني وواضح وقطعي، تعني فصل العقل عن الملكات الإنسانية الأخرى. لانه وفقا لمثل هذا المنظور لا يمكن ان ينتج عن الخيال والإرادة إلا الاحكام الجاهزة والاخطاء وكل ما يدعو إلى الشك. وتعني كذلك ان ننفي عن العقل قدرته في توجيهنا في كل ما يتعلق بما هو احتمالي وقابل للحدوث في الواقع، فتصبح بذلك فكرة الاختيار الإنساني المعقول والحجاج الذي يسمح بتبريره، فكرة خالية من أي معنى. في الواقع، لقد غلبت تلك المطالب نفسها على محتوى المعرفة العلمية منذ ديكارت الى النزعة الوضعية الجديدة المعاصرة néo-positivisme contemporain، حتى وصلنا تدريجيا مع النزعة الامبريالية العقلانية l’empérialisme rationaliste إلى حيث طموح العقل الإنساني في العثور مجددا على العقل الالهي، وانتهينا مع حالة التخلي النُسُكي في النزعة الوضعية positivisme، إلى الاعتراف بالعجز عن تقديم معنى آخر غير المعنى التقني الاجرائي technique للفعل الإنساني، لنبلغ مرحلة نبذ مثال idéal العقل العملي نفسه.
نحن على يقين متزايد في الوقت الراهن، ان مسألة التعميم الديكارتية généralisation cartésienne، التي تقترح حلّ جميع المشاكل الإنسانية بفضل المنهجية méthodologie المستعارة من العلوم الرياضية، لا تبدو لنا مسألة تعسفية فحسب، بل ويبدو مفهومها نفسه حول العلم خاطئا برمته أيضا. فالعلم لا يمكن ان يكون في متناول عقل غير مؤهل تأهيلا علميا وتربويا. وانما يقتضي عملية ليست بالقصيرة أو الهينة من التعلم والتهيئة للمناهج والتقنيات المتطورة تاريخيا، ويتطلب كذلك عملية تدريس تشمل التعرف على المصطلحات والمفاهيم والمعارف المتعلقة بالنظريات وبالتصنيفات التي تجعل من قاعدة العلم متماسكة، أضف إلى التعرف على كيفية استخدام الادوات العلمية التي تستلزم الكثير من الخيال والى ضبط وصياغة العديد من التجارب العلمية الذي يحتاج هو الآخر إلى كثير من الصبر  والوقت لانجازه.
من جهة أخرى، لا يمكن ان تكون المعرفة العلمية معرفة تاريخية متطورة في جميع الحقول. فكم عدد تلك الحقول التي لا تزال تفتقر إلى التقنيات التي تؤهلها لاستبدال النقاشات والجدال بأتفاق ملائم وفعال؟ وهذا ما عليه الحال في جميع الاختصاصات المتضمنة على وضع القيم موضع تطبيق مثلما هو حاصل في علوم القانون وقواعد الاخلاق، وقبل كل شيء في الفلسفة.
فمن غير الممكن تفسير تاريخ التقدم العلمي وحالة الاصرار على استمرار الاختلاف والتنافر بين كثير من الحقول المعرفية، في الوقت الذي نقوم فيه باستبعاد الآراء العامة والتغاضى عن أهمية الموروث التقليدي وعن إسهامات دروس التاريخ. بمعنى آخر، ان التأسيس لمنهجية معرفية سارية المفعول، غير قابل للتحقيق في حال الابقاء على التعارض بين كل من: الحقيقة مع الرأي؛ النظرية مع التطبيق والبرهان مع الحجاج.
بل من الاحرى ان نتساءل حول السبب والكيفية التي يجعلنا ننجح في تحقيق اتفاق accord واسع يشمل مجالات كثيرة بواسطة الاستناد على قاعدة الآراء العامة والحس المشترك sens commun . في الوقت الذي تبقى فيه مجالات أخرى محل جدال وخلاف لا ينتهي. وينبغي أيضا البدء من فكرة مفادها ان العلوم والتكنولوجيا –حالها في ذلك حال بقية علوم القانون وقواعد الاخلاق  والفلسفة- هي نتاج انساني يمكننا الوصول إلى فهم اسباب التعارض فيما بينها بواسطة تعددية المناهج المختلفة التي تفترض عملية تكوين تأهيلية. أضف إلى ذلك، ان تحقيق مثل ذلك الاتفاق في بعض المجالات لا يتم إلا بشرط التخلي عن الاعتقادات الراسخة convictions والمثل العليا القريبة والمحببة الينا أكثر من الاتفاق العام المكتسب بضمان الموافقة على التضحية بحريتنا العقلانية. هذه الأخيرة التي لا يمكن لها ان تُمارَس بطريقة معقولة إلا بفضل التقنيات الحجاجية.
اما اذا اقتصر استعمال العقل على الحدوس البديهية وتقنيات الحساب المتمركزة على الحدوس العقلية أيضا، فستكون النتيجة بالضرورة تصنيف كل حقل يخرج عن نطاق الاثبات البرهاني القطعي في مقولات لاعقلانيةirrationnel ، أي ضمن مجال المنافع والأهواء والأنفعالات passions والعنف. نتيجة لكل ذلك، نؤكد ان النظرية الحجاجية المستندة على تنظير فلسفي تعددي المناهج هي وحدها القادرة على فسح المجال لتمييز ذلك الطريق الوسيط بين مبدأ الوضوح بذاته واللاعقلانية، والذي يحتاج إلى  جهود علمية مشتركة ومنسقة في سبيل تعقب آثار  ما هو معقول raisonnable.
الهوامش:
(*)Ch. Perelman : Une Théorie philosophique De L’argumentation, un article publié dans son livre : Le champ de l’argumentation, Presses Universitaires de Bruxelles, 1970, 13-23. Cet article Parue à l’origine dans Archiv für Rechts- und Sozialphilosophie, Wiesbaden, 1968, vol. LIV/2, pp. 141-151
مقال بعنوان (Une Théorie philosophique De L’argumentation)لمؤسس البلاغة الجديدة، الفيلسوف وعالم القانون البلجيكي شاييم بيرلمان (1912- 1984)، نُشر في مؤلفه : حقل الحجاج.
(**) باحثة ومترجمة من العراق- متخصصة في الدراسات الفلسفية
[ ] ما بين المعقوفين يعود للمترجمة
(***) يعود هذا المصطلح الى كلمة إغريقية قديمة تشير إلى طقس ديني يجري فيه استحضار الموتى لاسترضائهم، من خلال مناداتهم ثلاث مرات بأسمائهم. وقد جاء على ذكرها جورجياس في محاورة أفلاطون “فيدروس”، حينما عرّف البلاغة بأنها “سايكاكوجي” أي فن تربية الارواح، نتيجة لما يتضمنه الكلام على قوة يتمكن بواسطتها الخطيب اكتشاف الأشياء وإظهارها إلى العالم عندما يسمها بأسمائها، فهو معلم الآراء والاعتقادات التي تتخذ شرعيتها فيما بعد عبر خطابه، ليعيد تشكيل الأذهان وتحويل عالمها الإنساني بأكمله. (هامش يعود للمترجمة). وللمزيد حول جينالوجيا مصطلح “psychagogie” يُنظر:
Sous La Direction De Barbara Cassin : Vocabulaire Européen Des Philosophies, Éditions du Seuil / Dictionnaire Le Robert, France, 2004, p. 722
(1) Platon, Phèdre, 273 e
(2) La théorie de l’argumentation, perspectives et applications. Publication du Centre National de Recherches de Logique, Louvain-Paris, Nauwelaerts, 1963, pp. 206-218
(3) Op. cit. p. 207
(4) Cf. H. GOUHIER, La résistance au Vrai et le problème cartésien d’une philosophie sans rhétorique – Atte Congresso Internazionale di studi Umanistici (Venezia, 1954), Roma, Fratelli Bocca, 1955, pp. 85-97
(5) Descartes – Œuvres, éd. De la Pléiade, Paris, 1952, p. 40
(6) Ibid. p. 138
(7) Ibid. p. 140
(8) Ibid. p. 142
(9) Cf. H. GOUHIER, op. cit. p. 95
(10) L. III, ch. 18, & 19, p. 389 (Oxford, 1948)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق